أولا : آداب الدعاء
اعلم وفقك الله إن للدعاء كأي عبادة أخرى آداب علمنا إياها نبينا صلى الله عليه وسلم وسلفنا الصالح ومنها :
1 – على المسلم عند الدعاء أن يكون على طهارة في الملبس والمكان الذي يدعوا فيه ويستحب أن يكون متوضئا مستقبلا القبلة كونه يناجي ملك الملوك وسلطان السلاطين ويدعوا رب العالمين
2 – يستحب للمؤمن أن يختار الأوقات الشريفة المخصوصة بالإجابة كوقت السحر وعند السجود والحالات العظيمة الفضل الجليلة القدر كحالة الزحف للقاء العدو وعند الوقوف بعرفة وذلك اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وتحقيقا لسنته .
3 - يستحب رفع اليدين عند الدعاء تأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم انه كان يرفع يديه عند الدعاء ، ومسح الوجه باليدين الذي جاء من عدة طرق تبلغ بمجموعها درجة الحديث الحسن
4 – ومنها أن لايشغل باله في الدعاء باختيار الكلمات للسجع او الألفاظ المنمقة والغريبة ويتكلف في ذلك فيكون قلبه ساهيا منشغلا في ذلك بعيدا عن الله تعالى بل يدعوا بالأدعية المأثورة من الكتاب والسنة التي يحفظها وبما يفتح الله عليه به من الدعاء فهو الأفضل
5 – ومنها ان يقترن بكثرة الاستغفار حيث ورد عنه صلى الله عليه وسلم انه قال : ( والله إني لاستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ) رواه البخاري ، هذا وهو النبي الذي غفر الله ماتقدم من ذنبه وما تأخر وهو المعصوم حبيب الله فكيف بنا نحن وقد أثقلت كاهلنا الذنوب فعلينا بكثرة الاستغفار .
6 – التوبة الصادقة إلى الله تعالى والإنابة إليه ورد المظالم والحقوق إلى أهلها والتحلل منها ليقف بين يدي الله ويدعوه ومولاه له محب حيث يقول صلى الله عليه وسلم : ( والله لله افرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة ) متفق عليه .
7 – الدعاء يكون بالخير والصلاح وقضاء الحاجات التي ليس فيها معصية لله ، وعلى المسلم تجنب الدعاء بالشر أو الأذى أو التهلكة والمضرة بأحد من المسلمين .
8 – يستحب للمسلم أن يلح في دعائه وان يكرره ثلاثا لما ورد عن ابن مسعود إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا دعا ثلاثا وإذا سال سال ثلاثا .
9 – ومن آداب الدعاء أن يقترن مع قيام العبد بواجبات العبودية لله تعالى كأداء الفرائض والتقرب إلى الله بالنوافل وأعمال البر والخير على اختلافها لينال العبد رضا سيده بطاعته له فيستجيب له دعاءه فينال الخير والأجر العظيم .
10 – ومن آداب الدعاء ان لايرفع الداعي بصره إلى السماء أثناء دعائه لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم عند الدعاء في الصلاة ، او ليخطفن الله أبصارهم ) رواه مسلم والنسائي
11 – ومنها ان يبدأ دعاؤه بحمد الله والصلاة والسلام على رسوله لما ورد في السنن : ( انه بينما النبي صلى الله عليه وسلم قاعد إذ دخل رجل فصلى ، فقال : اللهم اغفر لي وارحمني . فقال النبي صلى الله عليه وسلم عجلت أيها المصلي ، إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله وصل علي ثم ادعه . قال : ثم صلى رجل آخر بعد ذلك فحمد الله وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أيها المصلي ادع تجب ) رواه النسائي وابو داود والترمذي واحمد . وورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله : ( إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض لايصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك ) ومسح الوجه باليدين عقب الدعاء لأمر ورد في ذلك .
12 – ومنها ان يكون بعبارات تليق بالذات الإلهية وعظمتها وقدرتها وبصفاته وبأسمائه الحسنى ويثني عليه بما يليق به ، فقد ورد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : ( سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا وهو يقول : ياذا الجلال والإكرام ، فقال صلى الله عليه وسلم قد استجيب لك فسل ) رواه الترمذي . وورد عنه صلى الله عليه وسلم انه قال : ( ان لله ملكا موكلا بمن يقول ياارحم الراحمين فمن قالها ثلاثا قال الملك : ان ارحم الراحمين قد اقبل عليك فسل ) رواه الحاكم
13 – ومنها ان يستحضر الداعي في قلبه قدرة الله تعالى ويستشعر عظمته وإحاطته بكل شيء فيخشع قلبه فيدعوا الله رغبة في رحمته وجنته ورهبة من عذابه وناره وكأنه يعاين الجنة ونعيمها وجهنم وجحيمها فلا يكون قلبه غافل فيحرم إجابة دعائه لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله لايستجيب دعاء من قلب غافل لاه ) رواه الترمذي والحاكم
14 – ومنها أن يتيقن
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] إجابة دعائه وان الله تعالى اجل وأعظم من أن يرد من يدعوه ويطرق بابه خائبا ولكن المسلم يوقن بان الإجابة تكون إما عاجلة أو آجلة وفي كليهما خير كثير من ربه ، فالدعاء يجب ان يقترن بيقين جازم بالإجابة من العبد لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ادعوا الله وانتم موقنون بالإجابة ) رواه الترمذي والحاكم
15 – ومنها ان لايتعجل الداعي إجابة دعوته فتكون سببا في حرمانه الثواب والأجر لقوله صلى الله عليه وسلم : ( يستجاب لأحدكم مالم يعجل يقول : دعوت فلم يستجب لي ) ، فالمسلم على يقين كامل بان الله تعالى يسمع دعاؤه فيختار له مايشاء من أمره وهو الأفضل له .
16 – ومن آداب الدعاء أن يقترن بحسن الظن بالله وبقربه من عبده إذا دعاه وبنصره وتأييده له إذا لجا إليه لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله عز وجل يقول : أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا دعاني ) متفق عليه
17 – ومنها اطابة المأكل والمشرب والملبس حيث إن الرزق الحلال والإنفاق في الحلال يكون سببا في استجابة الدعاء لقوله صلى الله عليه وسلم لسعد : ( ياسعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة ) رواه الطبراني . وبع**ه فان ال**ب الحرام والإنفاق في الحرام يكون سببا في عدم استجابة الدعاء وحرمان الثوب لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الرجل يطيل السفر أشعث اغبر يمد يديه الى السماء .. يارب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له ) رواه مسلم
18 – ومنها ان يلتجيء العبد الى ربه في كل وقت وحين فيكون الدعاء في الرخاء سببا لاستجابة الدعاء في الشدة لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد فليكثر من الدعاء في الرخاء ) رواه الترمذي والحاكم
19 – ومنها أن لايدعوا على نفسه أو ماله لضر نزل به ولا يتمنى الموت لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لايتمنى أحدكم الموت من ضر نزل به ، فان كان لابد فاعلا فليقل اللهم أحييني ماكانت الحياة خير لي وتوفني إذا كانت الوفاة خير لي ) متفق عليه
20 – ومنها أن يسال العبد ربه جميع احتياجاته ويسأله خير الدنيا والآخرة لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ليسال أحدكم ربه حاجاته كلها ، حتى يسال شسع نعله إذا انقطع ) رواه الترمذي والحاكم . وان يكثر من سؤال العافية لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ماسئل الله شيئا أحب إليه من أن يسال العافية ) رواه الترمذي والحاكم . ويستحب للمسلم أن يكثر من قول اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم كان يكثر من الدعاء بها
*****************
ثانيا : فوائد الدعاء* *
إن للدعاء فوائد عظيمة جمة وانه يقود المؤمن إلى خير الدنيا والآخرة ومن فوائده
:
1 – الدعاء سبب في رد البلاء :
لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لايغني حذر من قدر ، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ، وان البلاء لينزل فيلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة ) رواه الطبراني والحاكم ، ومعنى يعتلجان أي يتصارعان ويتدافعان
2 – نيل الرحمة من الله تعالى :
الدعاء يكون سببا في نيل رحمة الله تعالى لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من فتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة ) رواه الترمذي والحاكم
3 – رد القدر بالدعاء :
اعلم إن الأمور تجري بأمر الله تعالى الذي يقول للشيء كن فيكون وان مانزل بنا لايغيره احد إلا الله تعالى فلنرفع أيدينا وندعوه ليغير حالنا إلى الأفضل وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لايرد القدر إلا الدعاء ) رواه ابن حبان والحاكم
4 – إدراك الحاجات ورفع الدرجات :
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ماسأل رجل مسلم الجنة ثلاث مرات قط ، الا قالت الجنة : اللهم ادخله الجنة ، ولا استجار من النار الا قالت النار : اللهم أجره ) رواه احمد وابن ماجة والترمذي والنسائي ، لذا لنكثر من الدعاء وننظر الى كرم من ندعوه وخزائن ملكه التي لاتنفذ ، وعطاءه الكريم على قدره هو وهو اكرم الأكرمين ، ندعوه فندرك الحاجات ويعلي لنا الدرجات وننال رحمته ورضوانه ولا يردنا خائبين ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين ) رواه ابو داود والترمذي
5 – امتثال لأمر الله تعالى :
قال تعالى : ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) فأمرنا بالدعاء وضمن لنا الإجابة وتكفل بها ، ونحن إذ ندعوه فإننا نمتثل لأمره تعالى ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( سلوا الله من فضله فان الله يحب أن يسال ) رواه الترمذي
6 – الدعاء سلاح المؤمن :
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السموات والأرض ) رواه الحاكم ، فهو بمثابة السلاح للمؤمن يستشعر به القوة والطمأنينة والامان ، وما النفع في سلاح لاتستعمله !!!
7 – عدم الهلكة مع الدعاء :
لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لاتعجزوا في الدعاء ، فانه لن يهلك مع الدعاء احد ) رواه ابن حبان والحاكم
8 – الدعاء سبب في حياة القلب :
ذكر الله والدعاء يكون سببا في حياة القلب ويكون صاحبه حي بع** الذي لايذكر الله ولا يدعوه فهو كالميت لقوله صلى الله عليه وسلم : ( مثل الذي يذكر ربه والذي لايذكر الله مثل الحي والميت ) رواه البخاري ومسلم
9 – نجاة العبد من الشيطان :
إن ذكر الله تعالى والدعاء يكونان سببا في نجاة العبد من الشيطان ووساوسه لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن العبد لاينجوا من الشيطان إلا بذكر الله ) رواه الترمذي والنسائي
10 – إثقال كفة الحسنات في الميزان :
لقوله صلى الله عليه وسلم : ( كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ) متفق عليه
11 – التقرب من الله تعالى ومحبته :
لقوله صلى الله عليه وسلم : ( يقول الله : أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإذا ذكر ني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وان تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وان أتاني يمشي أتيته هرولة ) متفق عليه
12 – شكر الله تعالى
الذكر والدعاء يقودان العبد إلى معرفة نعمة الله عليه فيشكره على أنعمه فيؤدي حقوق ربه عليه بع** النسيان الذي يقود الى جحود نعمة الله تعالى وإحسانه وبالتالي يؤدي الى الكفر لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ان الله يقول : ياابن ادم انك إذا ذكرتني شكرتني ، وإذا نسيتني كفرتني ) رواه الطبراني
13 – الفوز بالجنة :
يقود الدعاء والذكر للفوز بالجنة لقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن غنيمة مجالس الذكر قال : ( غنيمة مجالس الذكر الجنة ) رواه احم